حالة من الصدمة والحزن بدت على كل لاعبى الاهلى
طوال الايام الماضية بسبب الاحداث المأساوية التى شاهدوها بأعينهم فى استاد
بورسعيد والتى راح ضحيتها اكثر من 75 مشجعا واصيب ما يزيد على الألف مشجع.
لكن محمد ابوتريكة نجم الاهلى الكبير كان الاكثر شرودا وحزنا طوال
الوقت، فهو فى حالة سيئة للغاية.. الحزن يكسو وجهه، فعيناه مليئتان
بالدموع، وصوته يكاد يكون ضائعا تماما. ورغم هذه الحالة الا انه كان اول
لاعبى الاهلى حرصا على الحضور الى النادى فى اليومين الماضيين للتباحث فيما
بينهم حول ما يمكن أن يقدموه لأهالى الضحايا بعدما شاركوا فى العزاء الذى
اقامته مجموعة الالتراس فى شارع «صالح سليم» خارج أسوار النادى.
وكانت اللحظة الاكثر تأثيرا تلك التى التقى فيها ابوتريكة مع والد أحد
شهداء بورسعيد حيث احتضنه اللاعب وراحا يبكيان بحرقة بشكل أدمى قلوب كل
المتابعين للمشهد الإنسانى وأصر اللاعب على اصطحاب الرجل وجلس معه فترة
طويلة داخل غرفة خلع الملابس لتهدئته.
وفى ظل الأحداث المتلاحقة داخل النادى الأهلى والمصيبة الفادحة التى
تعرض لها، كان لابد أن نتحدث مع ابوتريكة عن تلك الاحداث.. وكانت المفاجأة
أن اللاعب المشهود له بالهدوء دوما خرج عن هدوئه، وفتح النار فى عدة
اتجاهات خلال هذا الحوار المثير مع «الشروق»..
●
بداية.. هل تعتقد أن ماقدمتموه كلاعبين ومجلس إدارة الاهلى لأهالى ضحايا مذبحة بورسعيد ــ كاف؟
ــ لا يوجد شىء فى الدنيا يعوض أهالى الضحايا عن وفاة أبنائهم أو
أقاربهم وبهذه الصورة المأساوية، ونحن كلاعبين نعتبر استعادة حقوق الشهداء
الذين دفعوا ارواحهم ثمنا لتشجيع الاهلى قضيتنا بل قضيتى بصورة شخصية،
لأننا جميعا شاهدنا تلك الكارثة وكان من الممكن أن نكون فى عداد الموتى
الآن لولا أن الله سلم ولذلك فنحن مصرون على الاستمرار فى القضية حتى نعيد
لأهالى الضحايا حقوقهم.
●
لكن وجودك مع اللاعبين وتلقى العزاء عكس مدى اهتمامكم كلاعبين بالقضية.. ألا ترى أن ذلك كان إيجابيا الى حد كبير؟
ــ شاركت فى العزاء فقط حتى أكون بجوار أهالى الشهداء وهذا أقل ما يمكن
أن أقوم به، لكن فى قرارة نفسى لن اقبل أى عزاء حتى نستعيد حقوق الضحايا
ونحصل على القصاص العادل ممن تسببوا فى هذه الكارثة ويتم تقديمهم لمحاكمة
عادلة تقتص منهم.
●
وكيف ترى الطريقة التى ستستعيدون بها حقوق الشهداء الذين سقطوا فى بورسعيد؟
ــ كما قلت بالقصاص العادل والسريع.. وأكرر السريع، حتى يرتاح اهالى
الضحايا ويدركوا أن دماء ابنائهم لن تضيع هباء، وسمعت أن هناك لجنة تقصى
حقائق تبحث فى القضية، ونحن لن ننتظر اكثر من اسبوع حتى يتم كشف كل
الحقائق، لكن المماطلة لن تكون مفيدة فى الامر خاصة أن الحقيقة باتت واضحة
أمام أعين الجميع، ونحن كلاعبين شهود عيان على كل ما حدث.
●
وهل تعتقد بوجود مؤامرة تم تدبيرها بإحكام ضد الأهلى وجماهيره؟
ــ لا أستبعد وجود تواطؤ ومؤامرة، لأن ما حدث لا يمكن أن يكون بصورة
عشوائية، واعتقد أن بعض رجال الامن أو الداخلية هم من تسببوا فى ذلك، والا
بماذا نفسر عدم تدخل أى منهم لحماية الجماهير من القتل والذبح والالقاء من
المدرجات على مدار اكثر من ساعة ونصف الساعة، ونحن كلاعبين لدينا شهادات
نريد أن نقولها فى القضية لأننا شهود عيان كما يقولون وتابعنا كل الاحداث
التى وقعت عقب اللقاء.
●
هل تعمدت بالفعل عدم مقابلة المشير طنطاوى عند عودة الفريق من بورسعيد.. ولماذا؟
ــ بمنتهى الصراحة.. نعم رفضت مقابلة المشير، لأننى شعرت بأن المجلس
العسكرى مشارك فى الجريمة، فأيديه لا تزال مرتعشة ولا أدرى سببا فى عدم
قدرته على التصدى للبلطجية، ومن ثم سجلت اعتراضى بهذه الطريقة وأردت ايصال
رسالة مهمة حتى يتم التصدى للبلطجة والتعدى على حقوق الناس لدرجة قتلهم دون
أى اسباب الا انهم قرروا أن يشجعوا ناديهم.
●
وهل أنتم كلاعبين مستعدون لتقديم شهادتكم أمام النيابة؟
ــ بالتأكيد مستعدون، بل ونحن من نطلب ذلك، لأننا نملك أدلة كثيرة نريد
أن نقدمها فى خدمة القضية، لأننا لايمكن أن ننسى أبدا ولو للحظة ماحدث من
قتل وذبح وسفك لدماء الشهداء داخل استاد بورسعيد ومن ثم فإننا جاهزون
للادلاء بشهادتنا فى تلك القضية.. وأكرر كما سبق أن قلت لك هذه قضيتنا ولن
نفرط فيها مهما حدث لأن ما رأيناه وما حدث لجماهير أبرياء كل تهمتهم انهم
جاءوا لتشجيع فريقهم لا يمكن أن يتحمله بشر، وتخيل اننا ما زلنا على قيد
الحياة كلاعبين، فما بالنا بأهل الضحايا الذين راحوا نتيجة تهور وجريمة لن
ينساها احد.. وكنت أتعجب كثيرا عندما أسمع من يقول خلال الاحداث أن
اللاعبين بخير وكأننا اهم من تلك الجماهير التى ضحت بأراوحها.
●
رأيناك تصطحب والد أحد شهداء المذبحة الى غرفة خلع الملابس.. فماذا دار بينكما؟
ــ اسمح لى هذا أمر يخصنى ويخص والد الضحية، لكن كل ما أريد التأكيد
عليه أن ما دار بيننا يجعلنى لا اتراجع ولو لحظة عن استعادة حقوق كل
الضحايا لترضية اسرهم المكلومة والتى تتألم لما حدث، وكنت أود أن يشارك
أهالى الضحايا فى العزاء الذى اقامه مجلس الإدارة لأنهم اصحاب المصيبة
الكبرى وهو أقل شىء كان يمكن أن يتم تقديمه لهم، وعموما نحن كلاعبين لن
نترك ابدا حقوق الضحايا وسوف نتابع اولا باول سير القضية والتحقيقات حتى
نسترد حقوق الشهداء.
●
كانت هناك نية لخروجك مع اللاعبين فى مسيرة للمطالبة بالقصاص للضحايا لكنك تراجعت.. لماذا؟
ــ الامر أكبر بكثير من اللجوء الى المزايدات والحمل فوق الاعناق حاليا،
لأن المطلوب حاليا العمل جديا على استعادة حقوق الشهداء وعدم الراحة أو
اللجوء الى المسكنات التى لم تعد كافية الآن، وأؤكد مجددا أنها قضية العمر
بالنسبة لنا كلاعبين ولن نسمح لاحد بأن يركب الموجة على حسابنا لأن من
راحوا ضحايا ابرياء دفعوا حياتهم ثمنا لتشجيع ناديهم.
●
وهل هناك اية مبادرات جديدة منكم كلاعبين لمساعدة أهالى الضحايا؟
ــ نحن كلاعبين نبحث عن أفضل الطرق لدعم ومساندة أهالى الضحايا، ولن
نترك القضية تمر دون حساب أو عقاب لكل من تسبب فى حدوث هذه المذبحة التى
راح ضحيتها ابرياء كثيرون، وننتظر حاليا لنرى نتيجة هذه التحقيقات ونود أن
يتم حسم الامر خلال اسبوع لأننى وكما ذكرت الأمور واضحة ولا تحتاج إلا
للمكاشفة والمصارحة حتى تتضح كل الامور ونتمكن من اعادة حق الضحايا ونواسى
اهاليهم بشكل يجعلهم راضين الى حد ما بشرط أن يحصل كل من تسبب فى الكارثة
على العقاب الذى يستحقه لأن المولى سبحانه وتعالى يقول (ولكم فى القصاص
حياة يا أولى الالباب) ونحن نريد فقط القصاص العادل والسريع الذى يتناسب مع
حجم الكارثة.
●
أخيرا.. هل بالفعل فكرت فى الاعتزال أو قررت ذلك عقب تلك الكارثة الإنسانية؟
ــ صدقنى الامر اكبر بكثير من مجرد التفكير فى الاعتزال واتخاذ قرار
كهذا.. ولا أود حاليا الحديث عن أى امر يخص الكرة لأننا امام مصيبة وكارثة
اهم وأكبر من أن ننشغل بأية امور غيرها.. فقد عشنا ساعات من الألم والرعب
والفزع ونحن نتابع كل عدة دقائق سقوط ضحية جديدة وكأننا فى حرب وليست
مباراة فى كرة القدم.. فهل يمكن بعدما شاهدنا من يقتل ويذبح ويلقى من
مدرجات الملعب أن نفكر فى أى شىء آخر؟! أعتقد أن ذلك مستحيل الآن.